بدأ الصراع الدائر الآن في مدينة( رأس العين - سري كانيه) من ثورة الشباب من يوم 8/4/2011 حيث انضمت المدينة للثورة السلمية التي قامت بدايةً في درعا ومن ثم حمص وبانياس وعامودا والقامشلي ...........وغيرها ، لينقسم الشارع إلى قسمين كما باقي المدن السورية الأخرى فقسم مؤيد للنظام وقسم معارض له، وباعتبار الأكراد لهم مع النظام حكاية معارضة طويلة تمتد إلى عقود من الزمن فكان أول الخارجين إلى التظاهرات هم الشباب الكورد، بينما لم ينضم العرب إلى تلك التظاهرات المنددة بما كان يرتكب من جرائم ومجازر في المدن السورية الأخرى، وظلت الأحزاب الكردية حذرة إلى حد كبير بشأن التظاهر في مناطق التماس بين العرب والكورد، وبخاصة في مدن (الحسكة ورأس العين وتل تمر) لما لهذه المدن من تجربة مريرة سابقة، كما حصل في 12 آذار 2004 أثناء قيام انتفاضة الكورد بعد مقتل شخصين كرديين في معلب الجهاد بالقامشلي.
الحوار الأول من نوعه: قريباً... "زمان الوصل" وجهاً إلى وجه مع صالح مسلم رئيسا حزب PYD... |
|
|
*عرب الـ"مع" وكردالـ"ضد"
الغالبية العظمة من عرب منطقة (رأس العين او سري كانيه) كانوا من البعثيين من ذوي الامتيازات الخاصة في التعيين في الوظائف الحكومية (دوائرالخدمية والتعليم) وباعتبار المنطقة زراعية كان التعيين يتم للبعثيين في مزارع الشركة الليبية ومزارع الدولة ورئاسة الجمعيات الفلاحية، بالإضافة إلى السياسة المتبعة من قبل الدولة اتجاه الكورد بشأن الدراسات الأمنية وعدم تعيينه في الوظائف والحرمان من الجنسية والأراضي، وقد خلقت الحكومات المتعاقبة لذا الطرفين حساسية خاصة بشأن المطالب الكوردية بحجج (الانفصال والعمالة وغيرها من التهم) ،وغياب الأحزاب العربية المعارضة للنظام في المنطقة واقتصار العمل السياسي على حزبي البعث والشيوعي السوري.....كل ذلك أدى إلى عدم مشاركة العرب في الثورة بل العكس وإنما الوقوف ضدها والقيام بأعمال التشبيح ضد الناشطين الكورد الذين شاركوا بالتظاهرات، وآخرها كان تعرض مسيرة مؤيدة للنظام للمتظاهرين السلميين في المدينة بتاريخ 13-1-2012 حيث قامت هذه المسيرة المنظمة من قبل شعبة الحزب في المدينة والجمعيات الفلاحية، باعتداء على المتظاهرين وذلك من خلال دخولهم لوسط تظاهرة سلمية بواسطة سيارات محملة بالمؤيدين ودهس عدد من المتظاهرين وضرب آخرين بالعصي ليُكافأ المؤيدون ويُقدم المتظاهرون إلى المحكمات.
*موقف (PYD) من الثورة
في البداية وقبل دخول صالح مسلم في الشهر الخامس إلى سوريا كان عناصر حزب ال (PYD) من أشد المحرضين على التظاهر ضد النظام باعتبارهم الأكثر تعرضاً للضرر والقمع بعد اعتقال عبد الله أوجلان في شباط 1999 حيث كان المئات من كوادر الحزب وقتها في المعتقلات لذلك كان الحماس لديهم أكثر والجرأة أكبر، إلا أنه وبعد دخول صالح مسلم رئيس الحزب إلى سوريا من إقليم كوردستان العراق وقيامه بعقد ندوات جماهيرية علنية في كافة المدن والقرى الكوردية تغيرت وجهة الحزب باتجاه آخر، حيث كان يقوم الحزب برفع أعلامه الخاصة وصور عبد الله أوجلان في كل تظاهرة يقوم بها الكورد في المدينة، بينما كان الكورد يرفعون حينها العلم السوري بكثرة وعلم الكوردي (علم إقليم كوردستان) بشكل أقل، ما أدى إلى الصدام بين شباب التنسيقيات وحزب الاتحاد الديمقراطي والذي أقدم على اختطاف كل من الناشطين محمد برو ومحمود والي في 9-8-2011وضربهما وتعذيبهما بكل الوسائل بحجة التعدي على مقدسات الشعب لأنهما منعا رفع علم حزب العمال الكوردستاني في تظاهرة الجمعة السابقة.
واستمر الحزب في مضايقة النشطاء وضربهم وتهديد المختلفين معه وانقسمت التظاهرات بين الطرفين الأحزاب الكوردية والتنسيقيات مع انضمام البعض من العرب والشيشان والمسيحيين إليهم من جهة، وحزب الاتحاد الديمقراطي من جهة أخرى وسط انتشار ملثمين بينهم وتهديد الناشطين ومنعهم من التصوير و ظهور بوادر مسلحة من قبل ملثمين في الوسط الكوردي انتهت بقتل الناشط في حركة شباب الثورة محمود والي أبو جاندي في 20/9/2012.
*نظام الفتنة
قام النظام بتسليم محطات الوقود وتوزيع الغاز إلى عناصر ال (PYD)وإقامة محاكم شعبية (سميت بمحاكم الشعب)وتم نشر المسلحين منهم على مداخل المدينة ومخارجها وبخاصة مدخل طريق الدرباسية بحجة حماية المدينة والمناطق الكوردية من الإرهابين والمخربين في ظل غياب أو انسحاب الدولة من الحياة العامة للمواطنين وهو ما خلق نوعاً من ردة الفعل لدى العشائر العربية في منطقة رأس العين أدت إلى الصدام لأكثر من مرة أمام محطات الوقود وتوزيع الغاز وبخاصة من قبل عشيرة (العدوان)التي ينتمي إليها عضو مجلس الشعب محمد الحلو الذي انشق بمجرد دخول الجيش الحر إلى المدينة ودخل مع نواف راغب البشير لتركيا من البوابة التركية.
* هشاشة الهدنة
دخل الجيش الحر إلى المدينة صبيحة 8-11-2102بعد الاشتباك مع عناصر جيش النظامي والجهات الأمنية فاستقبلهم الأهالي وبخاصة في الأحياء الشرقية التي تسكنها الغالبية الكوردية بالزغاريد والتصفيق والتكبيرات بينما نزح غالبية العرب من المنطقة باتجاه القرى المحيطة، وبعد أن فرض الجيش الحر السيطرة على مفرزة الأمن العسكري ومن ثم القضاء على عناصر النظام في موقع (أصفر نجار- 4كم جنوبي غربي المدينة)، تفاهم الجيش الحر مع عناصر الـ (PYD) ولم يكن هناك أي إشكال بين الطرفين، إلا أن ما حصل بعد ذلك من قصف لطيران النظام للمدينة وتدمير منازل للمواطنين وقتل الأبرياء، خلق نوعاً من الاستياء لدى الناس ومطالبة الأهالي للجيش الحر بالخروج من المدينة تفادياً للقصف من قبل الطائرات وكان للـ (PYD) دور في التحريض على ذلك، ما أدى إلى اشتباكات بين الطرفين-حزب الـ (PYD) والجيش الحر في -19/11/2012، وذلك إثر مقتل رئيس المجلس الشعبي لغربي كوردستان عابد خليل و اتهم الحزب وقتها عناصر الجيش الحر بقنصه، بينما اتهم الجيش الحر الحزب بقتل أحد قياديه أبو أسد عند حاجز للـ (PYD) وأدت الاشتباكات إلى مقتل 10عناصر من الجيش الحر وأربع من قوات الـ (YPG) وجرح العديد من الطرفين خلال الاشتباكات، وتم خلالها نهب غالبية المنازل العائدة للكورد والمسيحيين في حيي المحطة والعبرة والواقعة تحت سيطرة الجيش الحر.
توصل الطرفان لهدنة غير معلنة لمدة أسبوع بعد تدخل جهات عديدة ووجوه عشائرية من مكونات المدينة ومدينة الدرباسية أدت إلى وقف إطلاق النار بين الطرفين برعاية جبهة النصر بتاريخ 29-11-2012، والتي استنكرت قتال السنة فيما بينهم على أن يخرج الطرفان إلى خارج المدينة وعلى مداخلها الأساسية بحواجز مشتركة ويُرفع العلمان (الاستقلال والكوردي) مع سحب المظاهر المسلحة من المدينة وتشكيل إدارة مدنية من جميع المكونات المتعايشة فيها والتي لم ينفذ أي منها.
*مؤتمر أورفة
أثناء ذلك تم تشكيل جبهة الجزيرة والفرات من قبل العشائر العربية المقربة من نواف راغب البشير شيخ عشيرة البقارة في دير الزور بالتعاون مع بعض العشائر ومنهم(العدوان والمغمورين) وكان ذلك بالتزامن مع مؤتمر آخر بنفس الاسم لأبناء محافظة الحسكة برعاية الائتلاف وبتنظيم من عبد العزيز المسلط من عشائر الجبور حيث انعقد مؤتمر أورفة بتاريخ 23-12-2012 وكان لمدينة رأس العين النصيب الأكبر في مناقشاتها وقاطعتها غالبية الأحزاب والقوى الكورديةالفاعلة.
*دور البشير في المعارك:
بعد تشكيل جبهة الجزيرة والفرات، وتزايد اتهام البشير للـ (PYD) بأنه تابع للنظام وعلى الجيش الحر تحرير محافظة الحسكة من النظام وشبيحة الأسد من عناصر حزب العمال الكوردستاني (PYD) و تحضير الطرفين للمعركة القادمة حيث أتت قوات مساندة كبيرة للجيش الحر من تل أبيض والرقة ودير الزور باتجاه مدينة رأس العين وصلت عديدها إلى ألفي عنصر وعززت مواقعها في المشفى الوطني جنوب المدينة، بينما قام الـ (PYD) وعناصر الحماية الشعبية الـ( YPG) بتعزيز مواقعهم وجلب قوات مساندة لها من الدرباسية والقامشلي وعامودا، لتتفجر المواجهات من جديد بيوم 16-1-2013 بحجة مهاجمة عناصر الـ (PYD) لحاجز تابع للجيش الحر ومقتل عنصر منه تابع لأحرار الغويران من عشيرة البقارة وهم من العناصر التابعة لجبهة الجزيرة والفرات التي شكلها نواف راغب البشير، وتتحول هذه الاشتباكات إلى معارك طاحنة بين الطرفين واستخدم فيها الدبابات وعددها 3 ومدفعية ثقيلة كان قد استولى عليها الجيش الحر من الجيش النظام أثناء دخوله إلى مدينة رأس العين بتاريخ 8-11-2012 حيث لم يفرّق الجيش الحر بين المدنيين والأطفال والنساء في حيي (الخربات والحوارنة) اللذين يقعان تحت سيطرة قوات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي ،مما عزز موقف حزب الـ (PYD) بين الكورد على حساب الأحزاب والقوى التي كانت مع الثورة وضد النظام، ليتخذ ذلك شكلاً من أشكال الصراع العربي الكوردي في منطقة رأس العين ( سري كانيه).
*فتش عن تركيا
تتلقى الكتائب المسلحة الموجودة في رأس العين دعماً كبيراً من قبل تركيا فكل إصابات الجيش الحر تدخل تركيا مهما كانت صغيرة ،بالإضافة إلى إمدادها بالطعام والذخائر من خلال البوابة التي تربط المدينة بمدينة جيلان بينار التركية المحاذية لها، بينما تمنع السلطات التركية السكان المدنيين من الكورد دخول أراضيها من الجهة الشمالية الشرقية التي يسيطر عليها حزب ال (PYD).
*موقف الأحزاب الكوردية والتنسيقات الشبابية
بعد أن تحول غالبية أبناء العشائر العربية والموالين السابقين للنظام في المدينة وقراها للانضمام إلى كتائب الجيش الحر، و توقيف الكثير من الكورد المدنيين على حواجز الجيش الحر ومقتل عدد من الأطفال واثنتين من النساء وإصابة العشرات منهم، وتصرفات من هذا القبيل كان آخرها توقيف 45 كردياً من مدينة كوباني (عين العرب) أثناء توجههم إلى اقليم كوردستان للعمل، وقفت غالبية الأحزاب الكوردية مع الـ (PYD) وقواتها المسلحة التي تحارب في المدينة بل حتى أن عناصر الكثير من تلك الأحزاب تقاتل إلى جانبها بالإضافة إلى الكثير من أبناء المدينة للدفاع عن منازلهم وأحيائهم التي تعرض الكثير منها للنهب والسلب أثناء دخول الكتائب إليها.
*صراعات جانبية تهدد الثورة
بعد ثمانية أيام من القصف المدفعي والدبابات من قبل الجيش الحر وهدم الكثير من المنازل وخروج الأهالي من المدينة باتجاه القرى المحيطة ومدينة الدرباسية أو الهرب لتركيا، استخدمت قوات حماية الشعب( YPG) خلال اليومين الأخيرين مدافع متوسطة ركزت على الأحياء الواقعة تحت سيطرة الجيش الحر لتنسحب هذه القوات باتجاه حيي المحطة والعبرة القريبة من البوابة التركية في غربي المدينة وسط إلحاق اضرار بمنازل المواطنين وأصبحت غالبية مساحة المدينة تحت سيطرتها.
إن ما يجري في مدينة رأس العين هو بداية لخلق صراعات جانبية على حساب نجاح الثورة ضد نظام بشار الأسد وهو الامتحان الذي يجب أن تنجح فيه المعارضة السياسية والعسكرية، لإغلاق الأبواب أمام صراعات قد تحدث في مناطق أخرى ربما تكون بين طوائف (السنة والعلويين) و(السنة والدروز) في المناطق أو المحافظات الأخرى وحينها سيقرأ الشعب السوري الفاتحة ليس فقط على أرواح شهداء الثورة وإنما على الثورة ذاتها.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية